تشهد الصناعات الثقافية والاقتصاد الابداعي في عصرنا الحالي اهتماما متزايدا ونموا بوصفها أحد المجالات الإنمائية المستدامة، والتي تعتمد على موارد متجددة غير محدودة عنوانها الإبداع الإنساني مرتكزة على الأفكار الخلاقة التي تمثل رأس المال لهذه الصناعات لتحقيق تنمية اقتصادية بمنظور اجتماعي وتعزيز المكانة الثقافية للدول والمجتمعات.
وفي السنوات الأخيرة تم في الأردن على المستويين الرسمي والأهلي ومن خلال استراتيجية الدولة للتحديث ووضع الخطط لذلك، الالتفات إلى هذه الصناعات والسعي الى دعمها وتعزيزها وتطويرها من خلال العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تنفذها جمعيات وهيئات ثقافية وخصوصا في المحافظات ومجتمعاتها المحلية، والإفادة مما توفره من موارد طبيعية وخامات أولية من البيئة المحلية ومهارات تتكئ على التراث والثقافة الوطنية ومحاكاتهما وتوظيفهما في منتجات تصنع محليا من مواد أولية من البيئة الطبيعية المحيطة، وجهود ومهارات إبداعية لأفراد من المجتمع المحلي.
وتلعب المرأة وفئة الشباب دورا محوريا في دعم التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز تمكين المرأة اقتصاديا وتوفير فرص عمل مستدامة للشباب من كلا الجنسين، إلى جانب الإسهام في إنتاج محلي تنافسي يسهم في الترويج السياحي للأردن.
ويعد هذا الدور رافدا أساسيا للناتج المحلي الإجمالي، ومكونا فاعلا في الدورة الاقتصادية الوطنية، وذلك وفقا للمؤشرات الاقتصادية المعتمدة، مثل القيمة المضافة الإجمالية، ومعدلات التوظيف، ومستويات الإنتاجية.
كما تسهم الصناعات الثقافية الابداعية بتعزيز الابتكار والإبداع والحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية والثقافية وتعزيز السياحة الثقافية والتواصل الثقافي بين الشعوب، ما يساعد في خلق فضاءات من التسامح والتفاعل والحوار.
وتشتمل الصناعات الثقافية الإبداعية على مجموعة واسعة من المجالات التي تجمع بين العناصر الثقافية والإبداعية مع الأعمال التجارية، ومنها التراث والفنون البصرية والآداب والنشر وصناعة الفيلم والموسيقى والمسرح والتصميم والألعاب الرقمية والوسائل السمعية والبصرية والأزياء والمواقع الأثرية والمتاحف وغيرها.
وبحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) عام 2008، فإن الصناعات الابداعية هي المنتجات التي تستخدم الإبداع ورأس المال الفكري كمدخلات أولية، وتشمل التراث، والفنون، ووسائل الإعلام، والإبداعات الوظيفية.
ويندرج ضمن تصنيف التراث أشكال التعبير الثقافي التقليدي ومنها الحرف اليدوية، فيما يندرج ضمن تصنيف الفنون الرسم، والنحت، وصناعة التحف.
وقالت مساعد الامين العام للشؤون الثقافية والفنية في وزارة الثقافة مديرة مديرية ثقافة الكرك عروبة الشمايلة في حديثها لوكالة الأنباء الاردنية(بترا) : إن الصناعات الثقافية تشكل جزءا أساسيا من التنمية المستدامة والحفاظ على الهوية الثقافية، الأمر الذي يستلزم تعزيز الوعي بأهميتها وتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانياتها في دعم التنمية والثقافة، وتكريس الجهود لتطويرها من خلال التمويل والترويج وتفعيل المشاركة المجتمعية.
وأضافت الشمايلة أن الصناعات الثقافية تمثل الجسر بين الإبداع والاقتصاد باعتبارها مصدرا للإيرادات ومولدة لفرص العمل ومعززة للابتكار، إضافة لدورها بتعزيز وإثراء الهوية الثقافية الوطنية من خلال الفنون والأعمال الإبداعية التي تمكن المجتمعات المحلية من التعبير عن تراثها وقيمها بطرق مبتكرة، علاوة على أهميتها في تجذير التفاهم بين مختلف الثقافات والشعوب من خلال تبادل الأعمال الثقافية والفنون.
وفي هذا الاطار وكنموذج عن ما توليه وزارة الثقافة الاردنية من أهمية للصناعات الثقافية الابداعية لاسيما في المجتمعات المحلية، أشادت بدور مديرية ثقافة الكرك ومن خلال مركز الحسن الثقافي حيث تنفذ إستراتيجية وزارة الثقافة بتعزيز الجهود لدعم الصناعات الثقافية والإبداعية، بوصفه من أبرز المنصات التي تدعم الصناعات الثقافية في الأردن، إذ يسهم في ترويج الفنون والتراث لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت إن مركز الحسن الثقافي، يتيح للفنانين والحرفيين فرصا مميزة لعرض أعمالهم وتطوير مهاراتهم من خلال المساحات الإبداعية التي يوفرها، مما يسهم بالترويج للحرف اليدوية والفنون البصرية والمسرحية والموسيقية على نطاق أوسع، علاوة على الدور الذي تلعبه مديرية ثقافة الكرك ومركز الحسن الثقافي ضمن مشروعات وبرامج الوزارة، من دور محوري في الترويج السياحي للصناعات الثقافية الإبداعية، حيث توفر منصات مهمة من خلال المهرجانات والفعاليات الوطنية لعرض المنتجات الثقافية والحرف اليدوية والفنون التراثية، تعمل على إبراز الهوية الثقافية الأردنية عبر تقديم فضاء تفاعلي يمكن الحرفيين والفنانين من التواصل المباشر مع الجمهور، ما يعزز من مكانة الصناعات الإبداعية كجزء من التجربة السياحية.
كما تسهم المديرية، بحسب الشمايلة، في ربط التراث بالحداثة من خلال دمج التقنيات الرقمية والترويج عبر المنصات الإلكترونية، مما يضمن وصول المنتج الثقافي إلى جمهور أوسع، ويحول الفعاليات الثقافية إلى نقاط جذب سياحي تعزز من الاقتصاد الإبداعي المحلي، مشيرة إلى أبرز المشروعات التي تم تنفيذها ومنها؛ صناعة صبغة النيلة من نباتات محلية، والخزف والصلصال، والنسيج، واستخدام ورق الموز في صناعة الكراسي الخشبي وغيرها.
ولفتت الشمايلة إلى دور مديرية ثقافة الكرك في تمكين المرأة من خلال الصناعات الثقافية الابداعية عبر تقديم برامج تدريبية متخصصة في مجالات عديدة ومنها؛ النسيج، والصلصال، وإدارة المشاريع الثقافية والتسويق الرقمي.
المصدر:قنا