أوسبو- مكة المكرمة – واس
أولت المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله -، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- جلّ اهتمامها وعنايتها بمساجد المشاعر المقدسة لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحجاج، وذلك ابتغاءً لمرضاة الله وأداءً للأمانة العظيمة.
وأولت المملكة الغالي والنفيس في سبيل عمارة وتطوير مساجد المشاعر المقدسة، وتقديم أرقى الخدمات الراقية لحجاج بيت الله الحرام، وذلك استشعارًا للمسؤولية والشرف العظيم الذي خصّ الله به المملكة، حيث سعى ملوك هذه البلاد الطاهرة طوال العهود المتعاقبة إلى توفير سبل الراحة وتيسير أمور الحج وتسهيل جميع الإجراءات وتقديم أرقى الخدمات؛ ليُؤديَ ضيوفُ الرحمن عباداتهم في روحانية وسهولة ويسر وأمن وأمان، حيث أمر الملك عبد العزيز – رحمه الله – يوم الجمعة 16 شوال 1362م بإصلاح مسجد نمرة بعرفات، ومشعر مزدلفة، ومسجد الخيف بمنى.
يُعد مسجد نمرة بمشعر عرفات ثاني أكبر مسجد مساحةً بمنطقة مكة المكرمة بعد المسجد الحرام، وشهد المسجد في عهد الدولة السعودية وتحديداً في عهد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أضخم توسعاته، وبتكلفة بلغت 237 مليون ريال، على طولٍ بلغ 340 متراً من الشرق إلى الغرب، وعرضٍ يقدر بـ 240 متراً من الشمال إلى الجنوب، ومساحة تجاوزت 110 آلاف متر مربع، إلى جانب ساحة مظللة خلف المسجد تقدَّر مساحتها بـ 8000 متر مربع، ليستوعب بعد هذه التوسعة نحو 400 ألف مصلّ، ويظهر بست مآذن، ارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً، وله ثلاث قباب وعشرة مداخل رئيسة تحتوي على 64 باباً، ويضم غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية.
وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وذلك في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري، ويقع إلى الغرب من المشعر وجزء من غرب المسجد في وادي عرنة، وهو وادٍ من أودية مكة المكرمة، نهى النبي عليه الصلاة والسلام من الوقوف فيه، حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة”، وبطن وادي عرنة ليس من عرفة، ولكنه قريب منه.
فيما يُعد كذلك مسجد الخيف موضع اهتمام وعناية ملوك المملكة العربية السعودية على مر التاريخ، لما له من مكانة في أداء الحجاج مناسكهم في أيام الحج، بالتحديد في أيام التشريق في منى، حيث يقع مسجد الخيف على مقربة من “الجمرة الصغرى”، وهو مبني على الطراز العربي الإسلامي على يمين الذاهب إلى عرفات، ومرت عمارته بعدة مراحل، وتُعد توسعة المملكة للمسجد الأكبر في تاريخه، إذ بلغت مساحته 23.500 متر مربع، ويتّسع لـ25.000 ألف مصلٍّ، وبه أربع منارات، كما زُود بجميع المستلزمات من إضاءة وتكييف وفرش، ومجمع لدورات المياه يحتوي 1700 دورة مياه.
ويمثل مسجد المشعر الحرام “مزدلفة ” مكانته في نفوس حجاج بيت الله الحرام ، وقد سمي بذلك لوقوعه في المشعر الحرام بمزدلفة مما يلي عرفات بأسفل جبل قزح، وقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم، ولقد أطال الأزرقي في وصفه، ولم يكن المسجد هذا في مستهل القرن الرابع عشر الهجري، سوى جدار في غرب موضعه يشير إلى القبلة، وبعد ذلك تم بناء المسجد على مساحة حوالي 1000 متر مربع وكان بناؤه متواضعاً، ثم جددت عمارته عدة مرات، كان آخرها التوسعة التي قامت بها حكومة المملكة العربية السعودية عام 1395ﻫ، وتبلغ مساحة المسجد الحالية 6000م2 ويستوعب 8000 مصل.
وشهدت المشاعر المقدسة خلال الأيام الماضية أعمال وتجهيزات واستعدادات لاستقبال حجاج بيت الله الحرام لحج هذا العام 1445 هـ، حيث انتهت من تجهيز المخيمات وتزويدها بالاحتياجات الضرورية كافة لينعم ضيوف الرحمن بأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة في أجواء من الطمأنينة والروحانية.
وتواصل القطاعات الحكومية والأهلية المعنية بخدمة الحجاج وضيوف الرحمن جهودها وفق الخطط التشغيلية، حيث راعت فيها تغطية الجوانب الإدارية والفنية الميدانية، بهدف توفير كل ما يحتاجه الحاج تحقيقًا لتوجيهات القيادة الرشيدة للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للحجاج.