تحتفل الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2024، تحت شعار “حقوقنا، مستقبلنا، وفورا”. وتدعو الهيئة إلى اتخاذ إجراءات جماعية فورية لضمان مستقبل متجذر في العدالة والمساواة واحترام كرامة الإنسان.
في هذه المناسبة، تؤكد الهيئة من جديد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد أسس المبادئ الأساسية للحرية والعدالة والسلام في العالم، عبر الاعتراف بأن جميع البشر يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وقد أصبح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شريعة عالمية تمثل مقياسًا خالدًا والتزامًا مشتركًا بالمبادئ الإنسانية العادلة.
ومع مرور أكثر من سبعة عقود على إقرار هذا الإعلان، فإن التحديات ما زالت قائمة، حيث تواصل بعض الدول الإخلال بحقوق الإنسان الأساسية، وتظل معاناة العديد من الشعوب في مختلف أنحاء العالم قائمة. وفي هذا السياق، أعربت الهيئة عن قلقها العميق بشأن تصاعد أزمة حقوق الإنسان في غزة، حيث تتواصل الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين الفلسطينيين.
إن الوضع في قطاع غزة يمثل واحدة من أعمق الأزمات الإنسانية في العصر الحديث. فقد خلف العدوان المستمر منذ أكتوبر 2024 دمارًا واسع النطاق، وتسبب في مقتل أكثر من 43,000 فلسطيني، وإصابة أكثر من 100,000 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال. وفي الوقت نفسه، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، مما يتسبب في تدمير النظام الصحي في غزة وزيادة حدة معاناة السكان.
وأضافت الهيئة أن عمليات القصف التي تتعرض لها المستشفيات ومرافق الخدمات الأساسية تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف التي تضمن حماية المدنيين في أوقات النزاع المسلح. كما دعت الهيئة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم من خلال القضاء الدولي، لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
وفي سياق أوسع، أكدت الهيئة على أن التحديات العالمية التي نشهدها في عام 2024 تتطلب تضافر الجهود من أجل معالجة قضايا مثل الفقر المدقع، التهميش، وتزايد التعصب والعنصرية في العديد من الأماكن حول العالم. كما تواصل الهيئة الدعوة إلى تعزيز الحماية القانونية للحقوق الثقافية والدينية، مع التركيز على قضايا حقوق النساء والأطفال واللاجئين في جميع أنحاء العالم.
وأشارت الهيئة إلى أن العالم اليوم يشهد تحديات جديدة ناشئة، مثل تهديدات تغير المناخ، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهو ما يتطلب تعزيز التعاون والحوار بين الدول والمجتمعات. وقد أكدت الهيئة على ضرورة العمل المشترك لتأمين حقوق الإنسان في هذا العصر المتغير.
وفي هذا السياق، تذكر الهيئة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بضرورة تعزيز النهج القائم على حقوق الإنسان، مع مراعاة القيم الإسلامية العالمية، ودعت إلى تعزيز الانسجام بين الثقافات والأديان.
وأخيرًا، أكدت الهيئة على أهمية تجنب المعايير المزدوجة في معالجة قضايا حقوق الإنسان. فالمساواة في تطبيق حقوق الإنسان ليست خيارًا بل ضرورة، لبناء مستقبل يتحقق فيه التعايش السلمي والعدالة والمساواة للجميع، حيث لا تكون حقوق الإنسان مجرد شعارات، بل واقعًا يعيشه الجميع.