الدين المعاملة هو جوهر الإسلام الحقيقى، وله تأثير كبير على حياة الفرد والمجتمع. يجب على كلّ مسلم أن يسعى إلى تحسين معاملاته مع الآخرين، لكى يُحقق مقاصد الإسلام وينشر الدين ويُساهم فى تكوين مجتمع مترابط، فالدين ليس عبارة عن شعائر فقط تقام وإنما هو سلوك وأخلاق، ولعلنى أذكر هنا مقتطفات من إحدى مقالات الدكتور مصطفى محمود رحمه الله جاء فيها: لا تتوهم أن الدين هو أن تصلى وتصوم وتقرأ القران وتزكى وتحج وتنطق الشهادة… وانتهى الأمر.
هذه عبادات شعائرية وهى فرائض هتتحاسب عليها لكنك لن تقطف ثمارها ولن تحقق أهدافها إلا إذا صحت عباداتك التعاملية.
ولن تصح إذا ظلمت وقصرت وآذيت وكذبت وشتمت، الدين ليس أن تضع صورة للكعبة على جدرن بيتك، أو أن تضع مصحفا فى سيارتك، أو أن تجعل المسبحة فى يدك، أو تذهب للعمرة ثلاثين مرة، أو تقف على سجادة الصلاة 70 ألف مرة.
لأن الدين هو استقامتك.. معاملتك.. رحمتك.. صدقك.. التزامك.. عدلك.. تربيتك لأولادك.. برك لوالديك.. إحسانك لزوجتك أو زوجك.. حفظك لسانك.. غض بصرك.. سعيك.. حسن تعاملك مع الآخرين.
فأحسنوا الفعل قبل القول ونظفوا قلوبكم من أمراض الحسد والغل والنميمة، وجاهدوا فى أنفسكم واجبروا خواطر الناس وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، واغتنموا هذه الأيام المباركة وهذا الشهر المبارك، شهر الرحمة والمغفرة والخير، للتسابق لعمل الخير بكل أشكاله وأنواعه حتى المعنوية منها، فعن الرسول صلى الله عليه وسلم (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
صلوا صلة الرحم المقطوعة، وكفوا عن الأذى ولينظر كل منا إلى ما يقترفه من ذنوب ومعاص فى حق الله ورسوله، ويأخذ من هذا الشهر الكريم نقطة انطلاق للتخلص من هذه المعاصى والتوبة إلى الله،، فلنفك كرب المكروبين من حولنا، ونساهم فى نشر البسمة على وجوه المحتاجين، فلنتخذ من هذا الشهر الفضيل الدافع لنا لننتصر لأنفسنا ضد أهوائنا.
فلنترك المشاحنات والبغضاء، ولنتعلم حسن الظن ببعضنا البعض.. وليكن هذا الشهر الكريم هو شهر اجتهاد لبداية الصلح مع الله، وليس اجتهاداً لقطف ثمرة فقط، فمن الممكن أن نتخذ خطوة إلى الله ولتكُن هذه الخطوة بنية الاستمرار فيها والثبات عليها.. فالدنيا هى متاع الغرور، وهى إما أن تكون بابنا إلى الله أو حجابنا عن الله، وقد قال رسولنا الكريم: «منْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِى قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِى رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ».