تُشاطر المملكة العربية السعودية دول العالم قاطبة فيما تواجهه من تحديات بيئية متنامية نتيجة التزايد السكاني وتسارع الوتيرة الصناعية والاقتصادية والعمرانية والزراعية، وتمضي قدمًا وبخطى متسارعة في مواجهة التغير المناخي، وحماية البيئة، ووضع خارطة طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية، بالشراكة مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة.
وتسعى المملكة جاهدة للحد من مسببات التغيّر المناخي، والوفاء بالتزامها بالمعايير والاتفاقيات الدولية في إطار البرامج الدولية المنبثقة عن المنظمات المتخصصة، ومنها اتفاقية باريس للتغيّر المناخي، الرامية لتجنب التدخلات الخطيرة الناشئة عن أنشطة بشرية في نظام المناخ، حيث إن المملكة تدرك تحديات التصحر وتدهور الأراضي، فهي تعد عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وذلك لوقوعها في واحدة من أكثر المناطق جفافًا في العالم، فضلاً عن أن 95% من أراضيها صحراوية، أي أن النسبة المتبقية المنتجة تواجه مخاطر من تدهور الأراضي، وإدراكاً منها للدور الرئيسي الذي تمثله الأراضي من خلال مبادرة السعودية الخضراء، التزمت المملكة بإعادة تأهيل أكثر من 74 مليون هكتار من الأراضي، منها 94 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، أعيد تأهيلها.
واضطلاعًا بمسؤولياتها في هذا المجال، أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في عام 2021م إطلاق “مبادرة السعودية الخضراء”؛ بهدف تفعيل دور جميع فئات المجتمع في العمل المناخي والبيئي، وتحقيق طموح المملكة في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م، عبر تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تشرف المبادرة على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتسترشد بثلاثة أهداف شاملة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية، وزراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة خلال العقود القادمة، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية.
وتسلط المبادرة الضوء على التزام المملكة بتحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية، والتصدي للتحديات البيئية التي تواجه المنطقة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والعواصف الرملية والغبارية والتصحر.
وتجاوزت مبادرة السعودية الخضراء مجّرد كونها رؤية لبناء مستقبل أكثر استدامة؛ لتصبح ركيزة أساسية لاتخاذ إجراءات عملية في مجال العمل المناخي والبيئي، ودعمًا لأهدافها ودفعًا لعجلة النمو المستدام أطلقت أكثر من 80 مبادرة، باستثمارات بلغت قيمتها 188 مليار دولار، تتراوح هذه المبادرات من جهود التشجير وحماية التنوع البيولوجي وصولًا إلى خفض الانبعاثات وإنشاء محميات طبيعية جديدة، وتحرز المملكة تقدمًا ملموسًا على صعيد زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، واستعادة المساحات الطبيعية الخضراء، وحماية التنوع البيولوجي.
وتطمح المملكة لأن تصبح أكبر مُصدر ومُنتج للهيدروجين في العالم عام 2030م، باحتجاز أكثر من 27 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عبر إنتاج أربعة ملايين طن من الهيدروجين النظيف سنويًا
“مبادرة السعودية الخضراء”.. لمستقبل أكثر استدامة
3