دعا أدباء و أكاديميون لتعزيز المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لسد الفجوة الرقمية وبناء محتوى يتناسب مع مكانة اللغة العربية في العالم المعاصر.
ونوهوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية ” قنا” بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الموافق، بجهود دولة قطر في مجالات حوسبة ورقمنة التراث الثقافي واللغوي،ومنها معجم الدوحة التاريخي للغة العربية الذي يشكل إسهاما حقيقيا في دعم المحتوى العربي في الإنترنت.
وبهذا الصدد، أكد الكاتب والأكاديمي القطري الدكتور مرزوق بشير في تصريح لـ” قنا” أن الاحتفاء باليوم بالعالمي للغة العربية، مناسبة للتأمل بشكل شامل في أحوال الثقافة العربية واتجاهاتها المعاصرة، وقدرتها على التأثير والتأثر، في ظل التحولات العلمية والتكنولوجية وشبكات الاتصال ووسائط التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي، ضاعف من التحديات التي تواجهها الثقافة العربية، خاصة فيما يتعلق بالمحتوى العربي في مجالات الفكر والإبداع والعلوم، نسبة لضعف هذا المحتوى مقارنة باللغات الحية الأخرى. مما يتطلب من بناة الاستراتيجيات العلمية والتنموية دراسة الحقائق وتحليلها ونقدها ووضع الحلول والمنهجيات المناسبة لسد الفجوة الرقمية وبناء محتوى يتناسب مع إمكانيات الأمة العربية البشرية والمادية ويخرجها من موقع المستهلك إلى موقع الإنتاج والمشاركة في العالم المعاصر.
ونوه الدكتور مرزوق بشير بجهود المؤسسات القطرية في مجالات الرقمنة والحوسبة، داعيا إلى تعزيز هذه الخبرات في كافة المستويات الدراسية ومراحل التعليم، مشددا على ضرورة صياغة مناهج وطرق تدريس وتدريب تعزز وعي الطلاب والشباب بمعارف التكنولوجيا الجديدة وتؤسس لوعي نقدي للظواهر العلمية والثقافية،لأن المعرفة النقدية والوعي هي الحصانة من الأثار السلبية والاتجاهات الضارة في توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى ضرورة ابتكار نظم ومناهج متوازنة بين العناية بالبحث العلمي والتفكير المنهجي والتراث الثقافي والإبداع الأدبي والفني، في سبيل استعادة إرث وعطاء الأمة العربية، التي وهبت الإنسانية قامات علمية رفيعة في مجالات الفلك والطب والهندسة ، ومثلها من رموز الأدب علوم اللغة والبيان.
ومن جانبه، أوضح الخبير اللغوي المغربي الدكتور عز الدين البوشيخي – المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، في تصريح مماثل لـ” قنا” أن المحتوى العربي في الإنترنت يعرف نموا مطردا وتزايدا مستمرا على استخدامه واتساع دائرة مجالاته،ويحتاج الأمر إلى إجراء دراسات لتقييم هذا المحتوى من جهة جودته وشموله وموثوقيته ومستوى استخداماته ومدى تلبيته لحاجات الجمهور العربي.
و أكد أن معجم الدوحة التاريخي للغة العربية يشكل إسهاما حقيقيا في دعم هذا المحتوى العربي في الإنترنت؛ ذلك بأن هذا المعجم يشمل معظم ألفاظ اللغة العربية الصحيحة الموثقة من مصادر مطبوعة وموثوقة، مدعومة بشواهد نصية مشفوعة بتواريخ تأليفها وأسماء مؤلفيها. ويتوقع أن يبلغ عدد هذه الألفاظ العربية في المعجم نحو ثلاث مئة ألف. إلا أن أهم إسهام يتمثل في المدونة النصية التي استند إليها هذا المعجم في استخلاص ألفاظه وشواهده النصية والمعلومات الأخرى المرتبطة بالمداخل المعجمة.
وأشار إلى أن هذه المدونة تشمل مئات الملايين من كلمات العربية في نصوص تغطي مجالات المعرفة الإنسانية من آداب وفنون وفلسفة وعلوم لغوية وشرعية وطبيعية على مدى ما يناهز عشرين قرنا من تاريخ العربية.
وبدوره قال الشاعر والروائي السوري عيسى الشيخ حسن في تصريح لـ” قنا” بأن التقانات المتجددة عن طريق وسائل التواصل أضافت “ماعونا” جديدا للأدب العربي، من حيث النشر المتاح عبر صفحات افتراضية، وضمان انتشارها في سائر أنحاء العالم. وبالمقارنة مع ما ينشر من الأدب على صفحات الجريدة والمجلة والكتاب، فإن وسائل التواصل حققت قفزة هائلة في ثنائية النشر والتوزيع أو الكتابة والقراءة،حيث تنال نصوص مختلفة آلاف القراءات في وقت قياسي
يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”تحتفي هذا العام باليوم العالمي للغة العربية، تحت عنوان: العربية والذكاء الاصطناعي: تحفيز الابتكار وصون التراث الثقافي“.
وقد وقع الاختيار على تاريخ 18 ديسمبر من كل عام، لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة